شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
ذكر خلق الملائكة
...............................................................................
فمنهم ملك الوحي الذي هو جبريل اسم> عليه السلام. ورد ذكره في قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
هذه أوصاف هذا الملك، وصفه بأنه رسول. يعني يرسله إلى أنبيائه, ينزل عليهم بالوحي, وأنه كريم, أي: كريم على الله, له مكانة, وأنه ذو قوة, وصفه بأنه ذو قوة, وأنه مكين، عند ذي العرش؛ يعني عند رب العرش, ذو قوة عند ذي العرش مكين.
يدل على مكانته, وما كان له عند الله تعالى من المنزلة. ثم أخبر بأنه مطاع؛ مطاع ثَمَّ, يعني: فيما بين الملائكة. وأنه أمين: أمين على الوحي الذي يوحيه الله إليه، ويأمره بأن يبلغه. يبلغ ما أوحي إليه بدون تغيير وبدون زيادة.
ومن ذلك تبليغه ما أوحي إلى نبينا صلى الله عليه وسلم من هذا القرآن ومن هذه السنة. ووصفه في آية أخرى في قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
كذلك وصف في الأحاديث، أو ذكر أنه له ستمائة جناح، قد ذكر الله الملائكة في قوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فهذا ملك الوحى الذي هو جبريل اسم> ذكره الله تعالى في القرآن باسمه في قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
قرأه بعض القراء جبرائيل اسم> أو جبرئيل اسم> وقرئ جبريل اسم> هذا ملك من ملائكة الله, هذه خلقته, وهذه عظمته. أنه رآه صلى الله عليه وسلم مرتين مرة ذكرت في سورة التكوير رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
والمرة الثانية ذكرت في سورة النجم رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
رأى النبي صلى الله عليه وسلم ملك الوحي على هذه الصفة بهذه الكيفية, أي: أنه قد سد الأفق. وأما رؤيته لبقية ما ينزل فإنه ينزل على قلبه، ويتمثل له أحيانا في صورة, رجل يقال له: دحية الكلبي اسم> ويتمثل أيضا في صورة رجل لا يعرفونه, وغير ذلك. يعنى أنه إذا ظهر للناس فإنه يتمثل في صورة إنسان؛ ذلك لأن الناس لا يقدرون على أن يروه كما هو؛ لأنه ليس من جنس الخلق فتدركه أبصارهم. فهذا ملك من ملائكة الله تعالى, وكله الله بالوحي، فهو ينزل على الأنبياء بما أوحى الله تعالى إليهم. ذكروا أنه نزل على النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين ألف مرة, أي في كل يوم مرارا، وأنه في آخر ما نزل عليه لما نزل به الموت، وأنه قال: سلام عليك, هذا آخر موطئي في الأرض. يعني أنه اعترف بأنه إنما كان ينزل بالوحي. وقال: إنما كنت حاجتي من الأرض, فهذا آخر موطئي, آخر نزولي. يعني نزوله بالوحي.
لا شك أن هذا دليل على شرف الأنبياء الذين ينزل عليهم هذا الملك الذي هذه صفته. ملك عظيم خلقه الله على هذه العظمة, وعلى هذه الصورة الكبيرة التي لا يقدر قدرها إلا الله سبحانه وتعالى ، ومع ذلك ينزل بالوحي على الأنبياء.
ورد في قصة نزول هذه الآية في البقرة أن اليهود لما سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أسئلة من الأمور الغيبية فأجابهم. قالوا له: أخبرنا من الذي وكل بك من الملائكة؟ من الذي ينزل عليك؟ فقال: ينزل علي وعلى الأنبياء جبرائيل اسم> عليه السلام. فقالوا: لو كان ينزل عليك ميكائيل اسم> لآمنا بك؛ لأن ميكائيل اسم> هو الذي ينزل بالرحمة وأما جبرائيل اسم> فإنه ينزل بالعذاب, فلا نؤمن بك! لأنه عدو لنا.
فعند ذلك نزلت هذه الآية رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
كذلك قد تمثل جبريل اسم> عليه السلام بصورة ذلك الرجل الذي لم يعرفه الصحابة وقال: في حديث عمر اسم> رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر, ولا يعرفه منا أحد.
هذا الحديث المشهور يسمى حديث جبريل اسم> أي أنه الذي سأل فيه هذه الأسئلة التي يريد بها أن يفيد الحاضرين.
ويذكر في الأحاديث أنه -صلى الله عليه وسلم- عندما يأتيه الملك في صورة دحية بن خليفة الكلبي اسم> يظنون أنه دحية اسم> ثم بعد ذلك يحدث بأنه هو الملك. من ذلك قصة وقعت فى بني قريظة لما انهزم الأحزاب من قريش وغطفان ونحوهم, ووضع الصحابة أسلحتهم. يقول بعضهم: رأينا رجلا نحسبه هذا الرجل الذي هو دحية اسم> على فرس, فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل وضعتم سلاحكم؟ إن الملائكة ما وضعوا أسلحتهم. فقال: أين؟ فأشار له إلى بني قريظة, أي: أنهم لما نقضوا العهد فإن عليكم أن تتوجهوا إليهم. الملائكة ما وضعوا أسلحتهم.
دليل على أن الملائكة ومنهم جبريل اسم> عليه السلام أنهم ينزلون ويقاتلون مع الصحابة في صورة بشر لا يعلمونهم, يقاتلون معهم العدو, وقد يكونون عددا كثيرا, وقد يكونون قليلا كما في قول الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وفي قراءة مردَفين, أي: يردفهم غيرهم، أي يقاتلون معكم, وإن لم يكونوا يقاتلون قتالا يرى؛ لأنهم لا يظهرون للناس. وفي آية أخرى يقول الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وذكر في وقعة أحد اسم> عن بعض الصحابة أنه قال: رأيت اثنين إلى جانبي النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة أحد اسم> يقاتلان عنه قتالا شديدا, ما رأيتهما قبل ذلك ولا بعده. فسئل النبي-صلى الله عليه وسلم- فأخبر بأنهما ملكان نزلا لحمايته ولنصرته، وهذا أيضا دليل على أن الله تعالى يمد رسله بالملائكة الذين يقاتلون معهم وأنه سبحانه قد حمى أنبياءه إذا شاء, ولو أن بعضهم قد يتسلط عليه بعض الأعداء .
وبكل حال يؤمن المسلمون بما ورد من صفات الملائكة, ومن جملتهم هذا الْمَلَك، وأن الله تعالى هو ربهم وخالقهم, وأنهم مخلوقون بعد أن لم يكونوا, ويأتي عليهم العدم, أي: يموتون في آخر الدنيا؛ لقوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
مسألة>